لماذا ينصح الطب الشعبي والحديث بشرب اليانسون يوميًا؟
اليانسون… العشبة الهادئة التي اشتهرت بطرد الغازات وتسكين المعدة. في هذا المقال من مجلة عقول، نستعرض أصوله الشعبية، وتحليله العلمي، وتحذيراته المهمة.

لطالما ارتبط اليانسون بليالي الشتاء الدافئة، حين يُسكب الماء المغلي فوق حبّاته الصغيرة فتفوح رائحة تهدّئ الروح قبل الجسد. لكن خلف هذا المشروب الشعبي البسيط، تكمن نبتة عريقة ارتبطت في الحضارات القديمة بقدرتها على شفاء المعدة وتهدئة الأعصاب. في هذا المقال من مجلة عقول، نستعرض تاريخ اليانسون، واستخداماته المتعددة، وما تقوله الدراسات الحديثة عن قدرته العلاجية.
الجذور التاريخية والهوية الشعبية: الاسم العلمي والعامي للعشبة
- الاسم العلمي: Pimpinella anisum
- الأسماء العامية: اليانسون، ينسون، يانسون، أنيسون.
- في السعودية ودول الخليج يُعرف بـ"يانسون"، وفي الشام ومصر بالاسم ذاته، فيما تُستخدم كلمة "أنيسون" في بعض الكتب الطبية.
الأصول التاريخية واستخدامات الطب الشعبي
اليانسون من أقدم النباتات الطبية المعروفة، وقد استُخدم في الحضارة الفرعونية، حيث وُجدت آثاره في مقابر طبية.
-
في الطب العربي القديم: وُصف لتهدئة المعدة، وطرد الغازات، وتحسين الصوت.
-
في الطب الصيني: استُخدم في التدفئة الداخلية، وتحفيز الدورة الدموية.
-
في الأيورفيدا: اعتُمد لتهدئة القولون وتحسين الشهية.
-
في الطب الأوروبي التقليدي: استُعمل لعلاج المغص عند الأطفال، وكمُحفّز للهضم بعد الولائم.
الاستخدامات الشائعة في المجتمعات
-
في الخليج: يُستخدم اليانسون كمشروب ليلي مهدئ ولعلاج مغص الأطفال.
-
في مصر: يُخلط مع الحلبة والشمر في وصفات ما بعد الولادة.
-
في الشام: يُشرب صباحًا لتحسين المزاج وتليين المعدة.
-
في أوروبا: يدخل في صناعة معاجين الأسنان، والعلكة، ومهدئات الجهاز الهضمي.
التحليل العلمي الحديث
يحتوي اليانسون على عدد من المركبات الفعالة، أبرزها:
-
Anethole: مركب رئيسي ذو خصائص مضادة للتشنج والالتهاب.
-
Estragole و Limonene: مركبات عطرية ذات نشاط مضاد للميكروبات.
-
الفلافونويدات: مضادات أكسدة تُعزز من وظائف المناعة والهضم.
الزيت العطري هو الشكل الأكثر تركيزًا وفعالية، ويُستخلص غالبًا بالتقطير البخاري.
الاستخدامات الطبية الموثقة بدراسات
-
تخفيف المغص والغازات: دراسة نُشرت في Journal of Ethnopharmacology وجدت أن شاي اليانسون يُقلل من أعراض القولون العصبي بنسبة معتبرة.
-
مهدئ نفسي خفيف: أشارت دراسات إلى أن اليانسون يمتلك تأثيرًا مشابهًا للأنكسيوليتيك (مضاد القلق) على الجهاز العصبي المركزي.
-
مضاد بكتيري وفطري: أظهر زيت اليانسون فعالية ضد أنواع من البكتيريا والفطريات الجلدية.
-
تعزيز الرضاعة: تشير دراسات أولية إلى أن اليانسون يحفز إدرار الحليب بسبب خصائصه الشبيهة بالإستروجين، لكن ما زالت الأدلة محدودة.
التحذيرات والجرعات والتداخلات الدوائية
-
الآثار الجانبية: قد يسبب الحساسية عند بعض الأشخاص، خصوصًا الذين يعانون من تحسس تجاه النباتات العطرية كالكمون والشمر.
-
الجرعة اليومية الآمنة: كوب واحد إلى كوبين منقوع يوميًا، أو 0.5–1 غرام من البذور الجافة لكل استخدام.
-
التداخلات الدوائية:
-
يُنصح بالحذر عند استخدامه مع أدوية الهرمونات أو أدوية الجهاز العصبي.
-
يجب تجنّب زيت اليانسون المركز أثناء الحمل أو مع الأطفال دون استشارة طبية.
-
الأعشاب المرافقة الشائعة
-
الشمر: يُعزز تأثيره المهدئ على المعدة ويُستخدم معه في وصفات القولون.
-
النعناع: يُضاف لتحسين الطعم وزيادة فعالية طرد الغازات.
-
الحلبة: تدخل معه في وصفات الرضاعة وتنشيط الجهاز الهضمي.
طريقة الاستخدام
الاستخدام الداخلي
-
مغلي اليانسون: تُغلى ملعقة صغيرة من البذور في كوب ماء لمدة 5 دقائق، وتُشرب دافئة بعد الأكل.
-
منقوع اليانسون: يُنقع في ماء دافئ لمدة ساعة ويُشرب صباحًا ومساءً لعلاج المغص والقلق الخفيف.
-
كبسولات اليانسون أو زيته: تُستخدم بجرعات خفيفة تحت إشراف مختص لعلاج اضطرابات المعدة أو تحسين النوم.
الاستخدام الخارجي
-
بخار اليانسون: يُستنشق لعلاج احتقان الأنف والجيوب الأنفية.
-
زيت اليانسون: يُخفف بزيت ناقل ويُستخدم في تدليك البطن أو الصدر لعلاج المغص أو السعال.
تحذيرات عامة
-
لا يُستخدم زيت اليانسون المركز للأطفال أو الحوامل.
-
يجب التوقف عن استخدامه في حال ظهور أعراض تحسسية مثل الحكة أو الطفح الجلدي.
متى هو الوقت المناسب لاستخدام هذه العشبة للأطفال؟
-
الرضع (أقل من سنتين)
يمكن استخدام مغلي اليانسون بكمية قليلة جدًا (ملعقة صغيرة من المنقوع المخفف) لعلاج المغص، بشرط أن يكون بعمر أكثر من 6 أشهر، وتحت إشراف طبي.
تحذير: يُمنع استخدام زيت اليانسون المركز أو أي شكل مركز من العشبة للرضع. -
من سنتين إلى خمس سنوات
يمكن إعطاء الطفل نصف كوب منقوع اليانسون يوميًا لعلاج الغازات أو تهدئة القلق، ويُفضل إعطاؤه بعد الوجبات. يُمنع استخدام الزيت المركز، ويمكن استنشاق بخار اليانسون في حالات الزكام. -
من خمس سنوات إلى عشر سنوات
يمكن استخدام كوب كامل من مغلي اليانسون يوميًا عند الحاجة، ويُسمح باستخدام بخار اليانسون أو الزيت العطري المخفف جدًا للتدليك الخارجي، بشرط عدم وجود تحسس.
الخاتمة
اليانسون نبات صغير في حجمه، لكنه عظيم في تأثيره. بين الماضي الذي آمن بقدرته على تهدئة المغص، والحاضر الذي يحلله تحت المجهر، تتكرر القناعة بأن أبسط العلاجات أحيانًا هي الأكثر فعالية. لكن كما في كل علاج عشبي، فإن الوعي بطريقة استخدامه، وتحديد الجرعة، وتجنّب الإفراط، هو ما يحوّل النبتة من نكهة مطبخ… إلى دواء آمن.